المقالات

انعكاس العلاقات

عندما يتغير وعيك، يتغير كل شيء 

كل علاقة في حياتك ليست مجرد صدفة، بل انعكاس مباشر لوعيك. 

الأشخاص الذين تجذبهم، والطريقة التي يُعاملونك بها، حتى المشاعر التي يثيرونها فيك… كلها ليست سوى مرآة تعكس حقيقتك الداخلية، 

سواء أدركت ذلك أم لم تدركه. 

لكن، ماذا يحدث عندما يتغير وعيك؟.. 

عندما تشفى جروحك؟ .. 

عندما تتحرر من الأوهام القديمة؟.. 

الإجابة بسيطة وعميقة في آن واحد: العلاقات إما أن تنمو معك، أو تتلاشى بعيداً عنك..

كل علاقة تعكس مرحلة من وعيك..

العلاقات التي ندخلها ليست عشوائية، ... 

بل هي انعكاس لحالتنا الداخلية. 

عندما نكون في حالة خوف، جذبنا علاقات مليئة بالشكوك والتعلق... 

عندما نكون في حالة عدم تقدير للذات، نجد أنفسنا في علاقات غير متوازنة.... 

وحين نبدأ في الشفاء، تتغير هذه الدوائر، لأن وعينا لم يعد ينجذب لما كان مألوفاً من الألم... 

مثال: شخص يعاني من التعلق العاطفي سيدخل في علاقات تستنزفه، ... 

لكن حين يشفى من هذا التعلق، ستبدأ العلاقات السطحية أو السامة بالاختفاء،... ليجذب بدلاً منها علاقات أكثر وعياً واتزاناً..

عندما تتغير، تتغير طبيعة علاقاتك..

بعض العلاقات تنمو معك. عندما يرتقي وعيك، ستجد أشخاصاً يتطورون معك، ويصبحون أكثر حضوراً،وعمقاً، واتزاناً .... 

ستشعر أن العلاقة باتت أكثر صفاءً، بلا دراما، بلا صراع. بعض العلاقات تختفي تدريجياً .... 

ستجد نفسك تبتعد دون جهد عن العلاقات التي كانت قائمة على الجروح غير المعالجة. 

ما كان يبدو ضرورياً لك يوماً، سيبدو فجأة غير منسجم مع حقيقتك الجديدة.. 

بعض العلاقات تنهار فجأة. ... قد تشعر أن بعض الأشخاص الذين كنت تراهم قريبين لم يعودوا قادرين على فهمك.... 

ليس لأنك أصبحت "أفضل"، بل لأن الطيف الذي كنتما تلتقيان فيه من قبل لم يعد موجوداً... 

قد تجذب أشخاصاً جدداً يحملون ترددك الجديد .. 

عندما تشفى يبدأ وعيك بجذب من يتناغم معك، ... من يشاركك الرؤية العميقة للحياة، ... 

من لا تحتاج معه إلى الأقنعة القديمة..

لماذا تختفي بعض العلاقات بعد الشفاء؟

لأنها كانت قائمة على احتياج، لا على وعي. 

بعض العلاقات ليست حباً حقيقياً، بل اتفاقاً غير واعٍ بين شخصين يحملان نفس الجرح. 

وحين يشفى أحدهما، تنهار العلاقة لأنها لم تكن قائمة على أساس متين، بل على وهم الحاجة. 

مثال: شخص اعتاد على العلاقات التي يغذي فيها مشاعر النقص في الآخرين حتى يشعر بالقوة. 

عندما يبدأ هؤلاء الآخرون في الشفاء، تتغير ديناميكية العلاقة… 

فيجد أحد الطرفين نفسه غير قادر على الاستمرار. لأنك لم تعد تحمل نفس التردد القديم. 

قد تشعر فجأة بأن أشخاصاً كانوا جزءاً أساسياً من حياتك أصبحوا "غرباء"،.. 

ليس لأنهم تغيروا، ولكن لأنك أنت من تغير. .. 

ما كان يربطكم لم يعد موجوداً، ... وكأن الزمن قفز بكم إلى أبعاد مختلفة. 

مثال: الصداقات التي كانت قائمة على الشكوى والدراما والتذمر ستبدو ثقيلة حين تصبح في حالة سلام داخلي... 

ستشعر أن تلك المحادثات التي كنت تستمتع بها يوماً أصبحت بلا معنى. لأن العلاقة أدّت مهمتها في حياتك. 

بعض العلاقات تأتي لتعلمك درساً معيناً، لتكشف لك جزءاً خفياً منك، 

وعندما تنتهي مهمتها، تختفي ببساطة. 

مثال: علاقة عاطفية جعلتك تواجه خوفك من الهجر، وعندما واجهته وشفَيْتَ منه، 

لم تعد العلاقة تحمل نفس القوة التي كانت عليها من قبل.

كيف تعرف أن علاقة ما نمت معك بدلاً من أن تختفي؟

أصبحت العلاقة أكثر انسيابية، بلا حاجة للتمسك المفرط أو الخوف من الفقد. 

هناك مساحة للنمو الفردي دون تهديد للرابطة. الشعور بالأمان والقبول دون الحاجة إلى إثبات الذات. 

غياب الدراما، واستبدالها بتواصل ناضج وعميق. 

أما إذا شعرت أن العلاقة تقاوم تطورك، أو أن الطرف الآخر يحاول إعادتك إلى أنماطك القديمة، 

أو أن وجودك فيها أصبح استنزافاً… فقد تكون تلك العلاقة عند نقطة النهاية.

ماذا تفعل عندما تتغير علاقاتك؟

اسمح للتغيير أن يحدث دون مقاومة. ..

بعض العلاقات ستتلاشى، وبعضها سيتطور، وبعضها الجديد سيظهر... 

لا تحاول إجبار شيء على البقاء إن لم يعد يخدم نموك. احترم المساحة التي تنشأ بعد فقدان علاقة ما. .. 

لا تملأها فوراً بأي شيء آخر، بل اسمح لها بأن تكون… 

فربما تحمل لك درساً جديداً. 

تذكر أن العالم ليس "يفقدك" أشخاصاً، بل "يحررك" منهم...

فـ ما يختفي، لم يكن لك… وما يبقى، هو ما يعكس حقيقتك الجديدة. 

لا تحزن على ما ينتهي، .. بل احتفل بما بدأ. .. لأنك لم تعد كما كنت، 

فلماذا تتوقع أن تبقى علاقاتك كما كانت؟!!

العلاقات ليست سوى انعكاسات

عندما تكون في سلام داخلي، ستجد نفسك محاطاً بمن يعزز هذا السلام. 

عندما تحمل جروحاً غير معالجة، ستجد نفسك محاطاً بمن يعيد إحياءها. 

عندما تتغير، فإن عالمك يتغير معك… 

والعلاقات ليست استثناءً. لا تسأل لماذا اختفت بعض العلاقات… 

بل اسأل: من أنا اليوم؟ 

لا تحزن على ما فقدته… بل انظر إلى ما اكتسبته من وعي بعد كل تجربة. 

لا تقاوم التغيير… لأن العلاقات مثل موج البحر، ما يتناغم مع ترددك سيبقى، 

وما لا يتناغم سينسحب بلطف. كل شيء يتغير عندما يتغير وعيك… 

والعلاقات ليست سوى انعكاس لنورك الجديد.

 

بقلم المدربة الدولية المعتمدة علا ديب.

أضف تعليقك

من فضلك أدخل الحروف كما في الصورة.
لا يوجد فرق بين الحروف الصغيرة والكبيرة.

اشترك بقائمتنا البريدية

لمتابعة أحدث أخبار التدريب والتعليم وجديد الخدمات والعروض من أكاديمية TTDA.

تحقق من شهادتك

×

تحقق من مدربك المعتمد

×